تأشيرة الخروج للمواطن بدعة سودانية

د. عثمان أبوزيد
لا أعرف دولة تلزم مواطنيها بشرط استخراج تأشيرة الخروج عند السفر إلى الخارج. هذا لزوم ما لا يلزم ، فلماذا تصرّ سلطات الداخلية أن تبقي هذا الإجراء مستمراً؟
مفهوم أن ظروفاً استثنائية دفعت إلى هذا الإجراء في وقت من الأوقات ،
ومفهوم أيضاً الحق في التنقل قد يتعرض لبعض القيود في حالات استثنائية ضيقة كحالات الطوارئ مثل تعرض البلاد لأخطار حقيقية ومباشرة ، وأيضا تستطيع السلطات الأمنية أن تقيد هذا الحق لأسباب أمنية موضوعية ، ولكن يجب أن تكون القيود المفروضة في أضيق نطاق وتتناسب مع النتائج المرجو تحقيقها ودرء الخطر المحدق، كما وأنها يجب أن تتحدد بفترة زمنية ضمن إطار قانوني ، لا أن يتخذ من الظرف الاستثنائي ذريعة لتقييد الحق في حرية تنقل المواطنين حيث يصبح تقييداً مزمناً لا يزول بزوال الخطر.
إن أكثر الدول تشدّداً مع مواطنيها في حرية السفر، لا تلجأ إلى تأشيرة الخروج هذه، التي تطال جميع المواطنين من حاملي جوازات السفر العادية ، بأن يذهب المواطن إلى وزارة الداخلية أو أي جهة أخرى لتعبئة استمارة والانتظار ساعات في انتظار ختم يوضع على الجواز . كل الدول تتبع إجراء عادياً بأن يوضع ختم المغادرة عند منفذ الخروج دونما حاجة إلى أي إجراء آخر. وقد تعمد بعض الدول إلى استيفاء رسوم مغادرة من مواطنيها وقد رأيت ذلك في بعض المطارات والمعابر. طبيعي أن تكون هناك قوائم لأسماء بعينها ممنوعة من المغادرة ، أو الحظر لفئات معينة لأسباب معروفة .
بمناسبة البدء في استخراج جواز السفر الجديد ، أردت وحدها الدولة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي فعلت ذلك ، ولا نريد أن نأتي على ذكر الدولة النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ، وحاشا لدولتنا السودانية أن توصف بهذه الصفات . كثير من السودانيين المقيمين في الخارج ينكصون عن زيارة أهلهم هرباً من إجراءات لا معنى لها ، وتلجأ أسر كثيرة في إجازاتها إلى أن تجمع شملها في مصر وسوريا . انظروا كم من الأموال والفوائد كان الوطن بها أولى ، ولكننا آثرنا المكسب القليل من الضريبة ورسوم التأشيرة .
فرعون أيضا لم يكن يمنح مواطنيه تأشيرة خروج ألم تنظر ما قال القرآن عن ذلك وكيف رفض فرعون منح قومه تلك التأشيرة عندما قالوا له أن أرسل معنا بني إسرائيل
وأبو الطيب سخر من حال كهذا في وقت لاحق بمصر ووصف حاله وشكى فقال: فأمسك لا يطال له فيرعى ولا هو في العليق ولا اللجام