مصير تيمور الشرقية: والعاقل من اتعظ بغيره!

Admin عدد المساهمات : 83 تاريخ التسجيل : 09/03/2010

قاد استفتاء 1999م تيمور الشرقية إلى انفصال عن اندونيسيا... فماذا حلّ بهذا البلد بعد ذلك؟ لقد آلت إلى أسوأ مصير.
تورطت في ثلاث سنوات من العنف والاضطراب ، ولم تعلن استقلالها إلاَّ في عام 2002م ، وليته كان استقلالاً نظيفاً. الدولة الوليدة نالت العلم والنشيد الوطني ولم تنل شيئاً بعد ذلك.
نصف السكان نزحوا إلى الجزء الآخر من الجزيرة التي تنعم بالاستقرار تحت السيادة الأندونيسية ، ولما عاد النازحون بعد الاستقلال عاشوا في نزوح آخر بمخيمات داخل بلدهم. تعطلت الدراسة في المدارس سنة كاملة ، واستعرت الحرب بين أهل البلاد المنقسمين وحدويين وانفصاليين ، واشتبكت مجموعات من شرق الجزيرة تحت دعاوى التهميش مع آخرين في غربها. كيف يكون شرق وغرب في دولة مساحتها خمسة عشر ميلاً مربعاً؟
لم يمض وقت طويل حتى هبطت جحافل الجيش الاسترالي لحفظ الأمن ، بل لبسط احتلال جديد ، أما قوات الأمم المتحدة فقد عجزت عن أداء مهامها وفرّ الموظفون الدوليون.
في مايو الماضي مرّت عشر سنوات على استقلال تيمور الشرقية ، سنوات كافية لإقناع التيموريين أن الآمال التي تعلقوا بها كانت آمالاً كاذبة وسراباً..
قدّروا أن ما يأتي من المانحين الدوليين سوف يرفع دخل الفرد إلى نحو ستمائة دولار لأن عدد السكان نحو سبعمائة ألف فقط ، وما يعد به المانحون شيء كثير. لكن حساب البيدر ليس هو حساب الحقل كما يقال ، فقد تعلّل المانحون بعدم فعالية المعونة في تسريع وتيرة إنجاز الأهداف التنموية وعدم الشفافية ، وعدم ... وعدم!
أرادوا أن يستثمروا في السياحة فوجدوا أن المواقع التي شهدت مجازر الاستقلال والكهف الذي كان يختبئ فيه قائد التمرد هي مواقع صالحة للجذب السياحي ، غير أن السائحين إذا وصلوا إلى الجزيرة فلا مكان لإيوائهم ، العاصمة لا يوجد بها سوى (700) غرفة.
الخيبة الكبرى كانت مجال الاستثمار النفطي ، فالجزيرة لديها احتياطي كبير من النفط والغاز ، مما زاد من أطماع أستراليا التي أرادت استغلال هذه الثروة ورأت أن الاتفاق النفطي مع دولة صغيرة أسهل منه مع دولة كبيرة متماسكة. هذه تجربة معروفة ذات نتائج مضمونة ، وهناك ما لا يُحصى من هذه التجارب في التاريخ الحديث.
وإذا كان من نتيجة إيجابية وحيدة لانفصال تيمور الشرقية ، فهي توقف الدعوات الانفصالية التي أطلّت برأسها في الأقاليم الأندونيسية مثل آتشي وكلمنتان وأريان. صحيح أن منح إقليمين الحكم الذاتي الاستثنائي ، كان ذا أثر للحد من دعوات الانفصال ، ولكن السبب الأقوى لذلك هو المصير الذي انحدرت إليه تيمور الشرقية من الفقر والعنف والتدخل الأجنبي السافر ، و... العاقل من اتعظ بغيره.