المجلس الجديد لشؤون المغتربين:
مجلس حكم أم مجلس حكمة؟
د. عثمان أبوزيد
Osman.abuzaid@gmail.comفي أخبار الثلاثاء إعادة تشكيل مجلس إدارة جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج ، برئاسة وزير دولة وعضوية الأمين العام
للجهاز ونائبه ، إلى جانب ثلاثة وكلاء وزارات ، وخمسة من مديري العموم في كل من (الجمارك ، والزكاة ، والضرائب ، وسودانير ، والجوازات) ، وثلاثة ممثلين للسودانيين العاملين بالخارج ... ثلاثة فقط! فيكم الخير.
نود أولاً أن نهنئ الجهاز بمجلسه الجديد ، سيما أننا نتعشم فيه أن يتصدى لأعباء كبيرة في الفترة القادمة. وحيث لا يتهيأ لنا اطلاع على لوائح هذا المجلس ، فنتوقع أن تكون صلاحياته محدودة ، لا يتجاوز مثلاً وضع السياسة العامة للجهاز ومراقبة أعماله والسعي لتحقيق أغراضه ، كما يرد عادة في صفة مجالس الإدارة الخاصة بالدوائر والأجهزة الحكومية.
ليس في وسعنا إذن أن نتمنى على المجلس الأماني ، ولكن من حقنا أن نذكره والذكرى تنفع المؤمنين ، بأن أعباءً جساما تنتظره. فطالما سمعنا عن مشروعات كبيرة مثل مشروع صندوق دعم العودة الطوعية للمهاجرين السودانيين ، والمجلس العالمي للخبراء والكفاءات السودانية بالخارج ، ومركز السودان لدراسات الهجرة والتنمية والسكان ، وجامعة المغتربين. إن مشروعاً واحداً من هذه المشروعات الطموحة كفيل بأن يأخذ كل جهود المجلس الموقر إذا أراد أن يقوم بأعبائه على الوجه الأكمل. وفي وسع هذا المجلس إن كان يسعى في المصلحة العامة ونحسبه كذلك أن يكون له رأي في القضايا الحقيقية التي تمس حياة المغتربين ، وما أكثرها.
فبالله عليكم ما الحكمة في استمرار تأشيرة الخروج للمواطن المغترب الذي يرغب في قضاء إجازة في وطنه؟ وما معنى تلك الضوابط التي لا بد أن يستوفيها كل مسافر ليأخذ هذه التأشيرة التي ما أنزل الله بها من سلطان.
ومن حق المغتربين أن يعرفوا كيف تصرف الـ (30) في المائة من زكاة أموالهم التي يدفعونها في السفارات والتي تركها ديوان الزكاة لتصرف على مستحقي الزكاة من السـودانيين بالخارج.
هذه مجرد أمثلة ، ولا يقولن أحد أن هذه الأمور ليست في اختصاص جهاز المغتربين. صحيح أن هذا الجهاز ليس جهة نقابية أو مطلبية ، لكنه الجهة التي تتحسس مشكلات العاملين في الخارج ، وله جهود ملموسة في المحن التي طالت السودانيين في الكويت وليبيا واليمن.
إن لم يتصدّ المجلس لمثل هذه القضايا اعتبرناه مجلساً (ديكورياً) لا شأن له بحكم ولا حكمة. وبعض هذه المجالس مجرد مطايا للتنفيذيين يمررون بها قراراتهم المعدّة سلفاً لتأخذ الصفة القانونية.
سمعت منذ أيام من يتكلم عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية أيام ياسر عرفات ، أنه كان يجتمع بكامل عضويته ليتخذ الرئيس عرفات قراره (بالإجماع)!
وأختم بملاحظة عابرة ... في لبنان يسمون جهازهم للمغتربين: الإدارة العامة للمغتربين ، وتتبع لوزارة الخارجية والمغتربين. أليس الاسم الرسمي لجهاز المغتربين عندنا طويلا؟ وعندما يسند إليه مجلس الإدارة يصير اسم المجلس طويلاً جدا. وفي البلاغة العربية يعدّون تكرار الإضافات ضعفاً في التأليف ومخالفة لأصول اللغة العربية.
هيّن ، لو أن الأمور تقف عند حدود المخالفة اللغوية!